تحميل رواية الزمن الموحش - حيدر حيدر

    الكاتب: المشرف القسم: »
    تصنيف


    نقرا من الرواية 
    جيل ملتهب. يتشوق قبض العالم. يسأل محاله الذي لا يطال: لماذا ولدت هنا على هذه الأرض الناقصة في عصر يكبح رغائب الإنسان الجامعة كالمهور في فجر فتوتها؟
    وفي دمه يسري الزمن القديم جنباً إلى جنب إلى جنب الزمن الذي يريد: زمن المستقبل. وفي الأجيال التي اختلطت عليها الانقلابات والثورات ولّدت محاولة التوازن حالة انكسار تاريخي لا يجبر. ومن الفرد إلى الجماعة يمتد خط من الإخلاص قرب خط من الكذب والخوف والمساومة والتنازلات المستمرة بينهما سحقت منى.
    - لكن إنسان هذه الأرض معرض للاندثار. أقول لراني
    - ويقول: أريد أن احيا. هذا عصر النموذج
    - أنت لا تؤمن بالفدية؟
    - أي سؤال غبي هذا. إنك تفكر كقائد سياسي احياناً
    - لماذا لا تقول كجريح ومغتصب
    - هذه مرحلة تاريخية نحن مهزومون فيها لا محالة. كل مافيها ينبئ بذلك
    - هل توقن فعلاً بالهزيمة؟
    - أيقنت ام لم توقن فالتاريخ يقول هذا.
    - انك تتحدث عن الحتمية وأنت قلت ضد الحتمية التاريخية
    - إنني أتحدث عن التكامل. عن الجيل الذي لم يبلغ بعد. الزمن الذي لم نصل فيه إلى حالة النمو الصحي. على نحو فاجعي سنندثر وحياتنا هذه تحمل جرثوم الموت. ربما تكون تمهيداً للزمن الحقيقي، فأنا أؤمن بصراع الأجيال كما قلت لك، أما الآن فنحن في النزع، ولا ينقصنا إلا طلقة الرحمة.
    - والحالة الثورية؟
    - هل الحالة الثورية أن نثب فوق الزمن؟ هراء. هذه حماقة. مكابرة سخيفة. نحن جيل يعيش بماضيه ولم يصل جيل الحاضر والمستقبل بعد
    - متى تعتقد أنه يصل؟
    - بعد أن تكتمل عصور الانحطاط وتندثر, هذا النقص في فهم الحرية والانسان. هذه الحياة القبلية الدينية ماذا تعني؟ الانسان هنا لما يتطهر بعد من موروثه الطوطمي.
    - لكن الثورة حالة جديدة تغير العالم. رجّة تاريخية تزلزل سكونية الزمن
    - بالعنف. انظر ماذا يحدث ؟ جيل استلم التغيير يغازل رجال الدين والتجار والبرجوازية. غارق في الانتهازية والسلطة والامتيازات والتقسيمات القبلية. هؤلاء من أين خرجوا؟ أليسوا منا. إنهم يتعثرون لأنهم جاؤوا قبل الوقت. في دمائهم قرون النقص التاريخي والنفسي ولهذا فهم عاجزون عن تنفيذ مهام الثورة. أنا وأنت عاجزان أيضاً جيلنا جيل موسوم ومنحط. جيل خرع. هذا يقيني.
    وهو يتحدث بألم أشعر بضغط يكاد رأسي ينفجر. أحرك رأسي الموجوع وأتمنى أن يصمت راني أكاد أقول: لا تقل ذلك.
    - هذا مفزع ومؤس. أنه يعني النهاية
    يهزأ من كلماتي: هيا إلى أمينتك ياعزيزي، هيا. هنا تنام الثورة!
    شعور قاتم يغلف الدنيا. احساس من رُمي في برية وحيداً وغُودر، يسمق الحصار فأوشك على الصراخ في محاولة للخروج من هذا التيه. من هذا السجن: أصحيح أن يكون الانسان هنا معطوب إلى هذه الدرجة؟!


    للتحميل إنقر على الإيقونة


    أو 
    من هنا


    ضع تعليق